في عام 1984 كان يدرس لنا التاريخ
في الإعدادية مدرس فاضل وكان يعتبر أن دراسة التاريخ من أهم الدراسات بين العلوم
والمعارف
ولم نكن نتفق معه حينها إلا أنني الآن أظنه كان محقا في رؤيته
فقد ثبت أن الوقائع التاريخية تتأثر
بدرجة كبيرة بوجهات النظر ولا سيما أن الحقائق الكاملة لا تتكشف لكل الناس في نفس
الوقت
ولأن توثيق التاريخ ولا سيما بعد الحروب عادة ما يكتبه المنتصر ولأن الأيام دول
وعندما تدور الدوائر قد يتم إعادة سرد الأحداث التاريخية بأسلوب مسيس وربما تزييف
الحقائق لخدمة ما يستجد من أوضاع ومصالح
وتستخدم السينما بقوة لسرد التاريخ
من وجهة نظر منتج الفيلم ويبرع في ذلك الأمريكيون حتى أنك إذا شاهدت فيلم بيرل
هاربور مثلا ستخرج بعد مشاهدته مرتاح الضمير لفكرة الضربة النووية لهيروشيما
وناجازاكي كضربة إنتقامية طبيعية جدا
وكان إسم موقعة موهاكس الذي طبعه على سلاحه الإسترالي برينتون تارنت الذي قتل
عشرات المصلين في مسجد بنيوزيلاندا منذ عدة أشهر إشارة إلى تأثير الكيفية التي
يمكن أن تؤثر بها طريقة قراءة التاريخ على القارئ
بل أن حادثة نيوزيلاندا كانت قد تكررت في أوائل أغسطس الجاري بشكل مشابه في تكساس
بالولايات المتحدة لكنها كانت هذه المرة من شاب أمريكي في العشرينات من عمره قتل
فيها أكثر من عشرين نفسا بشرية إنتقاما من ذوي الأصول الأسبانية
وقد يكون قد ترسب في ذهنه هذا العداء للأسبان على أثر قراءة كتاب عن الحرب
الأمريكية الأسبانية عام 1898م بالتأكيد تمت كتابته تحت إشراف أمريكي
بل أنه يبدو أن خبراء متخصصين في كل
دول العالم يقومون بتزييف التاريخ الذي يدرس في مدارسهم بحرفية كبيرة وذلك لتشكيل
أيديولوجية مواطنيهم بالطريقة التي تخدم مصالح دولتهم
وحيث أن تاريخ الإنسانية حافل
بالمعارك والحروب فلك أن تتخيل كم من الحوادث الإنتقامية يمكن أن يقوم به مثلا
مواطن ياباني إنتقاما من الأمريكيين إذا تمعن قي قراءة كتاب عن الحرب العالمية
الثانية أو حتى مواطن ألماني إنتقاما من الروس بعد قراءة كتاب عن معركة ستالينجراد
وبالرغم من الجهود الشيطانية التي تبذل لتزييف التاريخ إلا أن كثير من الحقائق
تتوارثها الأجيال ولا يتمكن منها المزيفون
وقد دهشت كثيرا من سرد تاريخي سمعته
من الرائع جهاد الترباني لحادثة وقعت في أيرلندا عام 1845 على أثر مجاعة شديدة
وقعت في ذلك العام بعد أن أصاب المرض محصول البطاطس والذي كان المصدر الرئيسي
للغذاء حينها لأغلب الفقراء الأيرلنديين
إستمرت المجاعة حتى عام 1852 وبلغ
من شدتها أن قتلت أكثر من مليون أيرلندي وهم تقريبا ربع السكان في أيرلندا
وكان خليفة المسلمين وقتها السلطان العثماني عبد المجيد الأول والذي إستجاب لدعوات
الإغاثة التي أطلقها الأيرلنديون في العالم كله فقرر السلطان عبد المجيد الأول دعم
الأيرلنديين بأموال قيمتها 10 آلاف جنيها إسترلينيا
إلا أن المملكة البريطانية إعترضت
على هذا التبرع وذلك فقط لأن الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا كانت قد دعمت مجاعة
الأيرلنديين بمبلغ ألفي جنيها إسترلينيا فقط مما آثار غيرتها أن يكون تبرع السلطان
عبد المجيد الأول أكبر من تبرعها وعليه فقد سمحت بأن يكون التبرع لا يزيد عن ألف
جنيها إسترلينيا فقط
وبالرغم من ذلك فقد وافق السلطان
عبد المجيد الأول أن يتبرع بألف جنيها إسترلينيا نقدا لفقراء الأيرلنديين ولكنه
قام باستخدام التسعة آلاف المتبقية في شراء مواد غذائية وقام بتحميلها على أسطول
الدولة الإسلامية متوجها من إسطنبول إلى أيرلندا سرا دون علم بريطانيا
علمت بريطانيا بالحملة وتمكن منها الغرور فقامت بمنع سفن الغذاء من الوصول إلى
الموانئ الإيرلندية
فقامت بعض السفن المحملة بالأغذية
بالتسلل ليلا إلى ميناء أيرلندي صغير في مدينة إسمها دروجيدا وتمكنت من توصيل
الغذاء إلى الأيرلنديين
بالطبع لن تقرأ عن هذه الحادثة في الكتب الإنجليزية
بل أنها لم تذكر في الكتب الدراسية
في وطننا الإسلامي ومن السهل الإستدلال على الأسباب
لكن الذي يؤيد صدق هذه الواقعة هم الأيرلنديون أنفسهم، ليس فقط لأنهم يتوارثون هذه
الحكاية حتى يومنا هذا بل أن مدينة دروجيدا التي رست فيها سفن الإغاثة لديها فريق
كرة قدم يضع على صدر فانلته شعار الدولة العثمانية حتى يومنا هذا إمتنانا وعرفانا
بالجميل
إن هذه الحادثة وغيرها الكثير لو
سجلت في كتب التاريخ بصدق ستزيد بقوة من المحبة بين الشعوب
لكن ذلك لن يحدث مطلقا لأن صدق التاريخ سيكون شاهدا على أطماع حكام وملوك وأمراء
هم وحدهم الذين يملكون الأقلام التي يكتب بها التاريخ
Merkur 15c Safety Razor - Barber Pole - Deccasino
ردحذفMerkur sol.edu.kg 15C ventureberg.com/ Safety Razor - Merkur - 15C for Barber Pole is the perfect https://deccasino.com/review/merit-casino/ introduction 바카라 사이트 to งานออนไลน์ the Merkur Safety Razor.